إن السيادة مبدأ مكوّن للدولة وملازم لوجودها. حتى ليصح القول ان لا دولة حقيقية بلا سيادة على أراضيها كلّها والسيادة غير قابلة للتجزئة. فالدولة المنتقصة السيادة ليست دولة، وفي الأمر ما فيه من دلالات على خطورة الحال التي يعيشها لبنان من هذا القبيل، اذ لا شيء يقوم مقام الدولة في أي مجتمع كان وفي تأدية أي دور من أدوارها، فهي المؤسسة الأمّ بل أمّ المؤسسات التي تأتي بعدها وتستمّد منها الصفة والصلاحية على كل المستويات.
يتميز لبنان عن دول المنطقة بنظام سياسي يستمد شرعيته من الشعب لا من حكم الفرد أو العائلة أو الدين. وهو يرتكز في بعده القانوني على الفصل بين السلطات وإعتماد الحكم الصالح وسيادة القانون. وفي مشروعيته من رسالته الانسانية المغنية للعيش الحضاري بين المجموعات، لا من نص ديني أو نظرية سياسية أو إقتصادية محددة.
يعاني لبنان اليوم من مشكلة هيكلية في إقتصاده تعود في الأساس إلى غياب رؤية استراتيجية واضحة لخلق فرص العمل، وتحقيق نمو إقتصادي متوازن، وتنمية إجتماعية مستدامة. وأدى الإعتماد على تحويلات الإنتشار اللبناني والعائدات المصرفية وريع العقارات، وإهمال القطاعات الإقتصادية المنتجة الأخرى كالزراعة والصناعة، إلى عدم القدرة على خلق فرص عمل وتحقيق نمو مستدام، ما يحتّم إعادة هيكلة الإقتصاد لتعزيز ميزته التفاضلية، وتفعيل تجارته الخارجية وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وذلك عن طريق استغلال القدرات الكامنة فيه.
دأبت الكتائب اللبنانية منذ نشأتها على اعتبار حرية الإنسان وكرامته مبرِر وجود لبنان، سعت إلى توفير الإطار المناسب كي يعيش اللبناني كريما على أرضه وإعتبرت أن قضايا الإنسان والمجتمع لا تنتظر، لا التوافق السياسيّ، ولا التسويات التي يفرضها منطق القوة وتخلو من منطق الحق. المسألة الإجتماعية لا تستأذن أحداً لأنها تقرع طبول الحق، حق الفئات المهمشة التي يكاد يسحقها القهر، من الأسر الأكثر فقراً، الى ذوي الحاجات الخاصة، والمرأة وكبار السن، والأطفال، الى العمال، والعاطلين عن العمل الذين يفتقرون الى أي شبكة أمان إجتماعية. وكما أظهرت الكتائب ريادة في التعاطي مع الشأن الإجتماعي، تنبري اليوم لتنتصر للمستضعفين ولتناضل مجدداً للوصول الى دولة تنطلق من الميثاق الإجتماعي - 2010 - والاستراتيجية الوطنية للتنمية الإجتماعية - 2011
إن الوضع الكارثي الذي وصلت إليه البيئة في لبنان وما يترتب عليه من خسائر إقتصادية صعبة التعويض، ونتائج خطيرة على الحياة ببعدها الإنساني والنباتي والحيواني، يدفعنا للتطلّع إلى مستقبل البيئة في لبنان بقلق شديد يتطلب إلتفاتة جدية من قبل السلطات الرسمية بمشاركة المنظمات البيئية والمجتمع المدني. إنّ الحفاظ على الثروات الطبيعية والثقافية التي يتمتع بها لبنان يشكلّ جزءاً لا يتجزأ من صون الهوية الوطنية في وجه الرياح المدمّرة التي من شأنها القضاء على الإرث الثقافي والجمال الطبيعي في لبنان. لذلك، يحتاج لبنان إلى خطة عمل تتضمن تشريعات واضحة لمواجهة المشاكل البيئية، وتبعد الهمّ البيئي الجامع عن كل أشكال التجاذب السياسي، بموازاة التشدد في تطبيق القوانين الحالية.